المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, 2022

عندما كنت صغيرًا

صورة
    اتسمت منذ نعومة أظافري بالشقاوة، كانت عماتي يطلقن عليّ لقب (الشيخ نبوي) -وليس لديّ أي فكرة لِمَ قد يُطلق هذا الاسم على طفلٍ صغير - أجري في ساحات المنزل ليلًا نهارًا دون توقف… أدركوا جيدًا أنني لن أكون كحالهم، صامتًا هادئًا باردًا برودة تفوق جبال الاسكا، فقط ورثت شيئًا واحدًا…اسمهم .        في أحد المرات كنت ألعب الكرة في الشارع وأذكر هذه المرة تحديدًا، ألعب لساعات مستغلًا غياب والدي -القادر على ترويضي- حتى لمحته قادمًا من بعيد اختبأت في إحدى الحارات الصغرى وما لبثت دقائق حتى قدمت سيارة من بعيد فنظرت لصديقي وقلت له سأضع الكرة هنا وقبل أن تصل السيارة سوف أنقض عليها مثل "عصام الحضري" وبالفعل قد فعلت وكسبت الرهان، ثوانٍ ووجدت نساء شارعنا تولول والدماء تغطي عيني، صعدت للمنزل وجدت أبي قد لطم بيديه على جبهته وعمتي تصيح "يلهوي…دة كله عشان مش بيبطل شقاوة…يلهوي "          دائمًا ما كان والدي يُقص علينا حكاوي التاريخ تحديدًا هتلر واليهود وما فعله بهم، وبسبب كرهه الشديد لهم، وُلد بداخلي نفس الشعور، لذا قررت أنا وأخي ابتياع علبة كبريت ك...

ما وراء الحب

صورة
    على جوانبِ الطريقِ الطويلِ تتمايلُ أعذاقُ النَّخلِ، نَمْضِى منفردين شاردين قاطعين أَدْهَم الليلِ، نرنو إلى أناشيد النُجُوم للقمرِ البَهِيجِ، وعند المفترقِ تلتقي الأرواحُ دون أن نتلاقى وتتلامسُ الأيادي دون أن نتلامسَ، تَرّتًفِعُ عَراجينُ النَّخلِ المُحملَة بثِمارِ المحبة تبجيلًا، يُسدِلُ السِّتارُ عن النَّرْجِسِ والياسمينِ فتفوحان بأريجهما مُداعِبة أرنبةَ الأنفِ فرحًا، تُحلِقُ عصافيرُ الجِنان مُزيِّنة السماءً القِرْمِزيّة، يَحمِلُ طائرُ الوروار تاجَ الهيامِ الأبديّ، يُحيطُ بالأعناقِ عِقد الشوقِ حاملًا أذرُعًا مُحتضِنةً صولجانَ الحبِ الأزليّ قوسُ قُزَح يُزينُ مُنتصَف السماءِ ناضحًا بألوانه، ويختفي الليلُ وينسحبُ ببطءٍ مُصاحبًا أحزانه، تتهيأ الأرضُ بعيونِ محبتها، تنتصرُ غوغاءُ القلوبِ على حكمةِ العقولِ لشدتها، تًنفجرُ عيونُ المستقبلِ بفيضانِ الأملِ المزدهرِ، وتنشقُ سماءُ البؤسِ بسحابِها المُكفهرِ، تُترك الأعين -دون لقاءٍ- تتحدثُ وتُعبِرُ كيفما شاءت، وتَمُوجُ قلوبُ العاشقين في ضلوعٍ استاءت، تتسارعُ الأنفاسُ وتتباطأ مُختبِئةً خلفَ ابتسامةِ رُسمت على شِدْقي مُحبَيّن، وتَخضعُ الع...

لماذا لا أحب؟

صورة
صدر فيلم "الإنسان يعيش مرة واحدة " عام ١٩٨١ من تأليف المبدع (وحيد حامد) وفي مشهد يجمع عادل إمام ويسرى، تسأله يسرى " معقول محبتش ولا واحدة قبل كدة؟" ليجيب " أنا لما بحب ببقى ضعيف، مبعرفش أفكر…من أقل كلمة بتهزم..وبخسر…في ناس حظها كدة…لما تحب تموت"    في ليلة صيفيّة صافية، جلست مع أصدقائي في المقهى، التجمع صاخب، والأصوات مرتفعة، بعضهم يلعب الدومينو، وجزءٌ يمسك بهاتفه،  أما عني فأستمتع بكوب الشاي بالنعناع، يطربني صوت (وردة) في الخلفية "مالي وأنا مالي وأنا مالي بالأحزان أنا مالي" ثم يظهر صديقي من العدم كالأشباح مغلِقًا هاتفه بعيونٍ أجزم أنها تكاد تطير من الفرحة متسائلًا "عمرك حبيت قبل كدة؟"         كتب فاروق جويدة عام ١٩٨٢ "عيناك بحر النور…عيناك إبحار وعودة…عيناك توبة…عيناك أرض لا تخون…عيناك نهر من جنون"…من تلك التي اجتاحت قلبه وأقلقت مضجعه، وجعلت منه قارئًا للعيون، قبل أن يأتي الجواب في العام التالي "في سراديب  العيون…كان في عينيك شيء لا يخون…لست أدري كيف خان"  في عام ١٩١٢ أصدر (جبران خليل جبران) كتابه "الأجنحة المك...